هنا عدن   دان اف ام نور عدن
01:55 ص calendar الأحد 14 ديسمبر 2025 الموافق 23 جمادى الثانية 1447 بتوقيت عدن
الرئيسية عاجل القائمة البحث

بعد التحولات الكبرى التي شهدتها محافظات الجنوب خلال الأيام الماضية، ومع إعادة انتشار وتموضع القوات المسلحة الجنوبية في وادي وصحراء حضرموت، ومحافظة المهرة، بات الواقع الميداني والسياسي في اليمن مختلفًا جذريًا. رفرفت أعلام الجنوب من المهرة شرقاً حتى باب المندب غربًا، فوق كل المقرات الحكومية والعسكرية والأمنية، بما يكرس سيطرة شاملة على حدود الدولة الجنوبية ما قبل عام 1990.

هذا الإنجاز لم يكن قرارًا عسكريًّا بحتًا، بل كان تفويضًا شعبيًّا صريحًا، عبّرت عنه الجماهير الجنوبية في الميادين والساحات، من خلال الاعتصامات والمظاهرات التي خرجت في كل المحافظات، مجددة ولاءها ووقوفها خلف القيادة السياسية والعسكرية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وعلى رأسها الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي.

ما جرى غيّر المعادلة على الأرض، وبالتالي غيّر شروط العملية السياسية التفاوضية. الجنوب اليوم قوة أمر واقع، تملك الأرض، وتحظى بشرعية جماهيرية، ومؤسسات أمنية وعسكرية فاعلة. ومن هذا المنطلق، فإن أي تجاهل للقضية الجنوبية أو تجاوز لها، سيكون قفزًا على الواقع وتجاهلًا لحقيقة سياسية لم تعد قابلة للطمس.

إن الجنوب العربي ليس فقط مشروع دولة، بل هو اليوم ضمانة أمنية واستراتيجية لجيرانه في الخليج، وشريك محوري في محاربة الإرهاب وتأمين الممرات البحرية الدولية في البحر الأحمر وباب المندب. وما تحقق في الجنوب يمثل فرصة للاستقرار الإقليمي، وليس تهديدًا كما يروج البعض ممن خسروا مواقعهم.

الجنوب لا يتعجل إعلان الدولة، بل يتعامل بمرونة مع التوازنات الإقليمية والدولية، منتظرًا اللحظة المناسبة لذلك. لكن في المقابل، فإن الواقع الحالي يفرض تهيئة المرحلة الانتقالية بإجراءات عملية؛ أولها إيجاد بدائل لإدارة الشأن العام بعد مغادرة رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الحكومة إلى الرياض، وتوفير الخدمات والرواتب، وترتيب الوضع الاقتصادي والإداري بما يتناسب مع السيطرة الفعلية على الأرض.

ويبقى موقف الجنوب واضحاً: نحن سندٌ للأخوة في الشمال متى ما قرروا مواجهة مشروع الحوثي واستعادة جمهوريتهم، لكن الجنوب قد حسم خياره، ولن يعود إلى الوراء.

تم نسخ الرابط